فلسطين قضية تهم كل مسلم

الدكتور سعد الدين البرهان

إنَّ فلسطين ليست مجرد أرض جغرافية أو نزاع سياسي محدود، بل هي قضية عقيدة وإيمان، ترتبط بأصول الدين وثوابته.

ولذلك، كانت وستبقى قضية فلسطين شاغلًا لكل مسلم صادقٍ في دينه، غيورٍ على مقدساته، مدركٍ لأمانة الإسلام الكبرى.

أولًا: مكانة فلسطين في الإسلام:

فلسطين هي أرض الأنبياء، ومهبط الرسالات، ومسرى خاتم النبيين محمد ﷺ.

قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1].

وقد بارك الله بيت المقدس وما حوله، فصارت فلسطين كلها أرض بركةٍ وفضيلة.

المسجد الأقصى هو القبلة الأولى للمسلمين، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال.

قال النبي ﷺ: «لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول ﷺ، والمسجد الأقصى». رواه البخاري ومسلم

إذن: المسجد الأقصى جزء من ديننا، وفلسطين مكون من عقيدتنا، وليست مجرد قضية قومية أو سياسية.

ثانيًا: ارتباط فلسطين بالولاء والبراء:

من أهم معاني الإيمان: الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراءة من أعداء الله.

وفلسطين اليوم محتلة من قبل اليهود المغتصبين، أعداء الله ورسوله، وأعداء المؤمنين.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ} [المائدة: 51].

ومن معاني الولاء للإسلام:

– محبة ما يحبه الله ورسوله، وفلسطين من أحب البقاع إلى الله.

– نصرة المستضعفين من المسلمين في الأرض المحتلة.

– البراءة من العدو المغتصب الغاصب.

ثالثًا: فلسطين أمانة في عنق كل مسلم:

قال النبي ﷺ: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم». رواه أبو داود وصححه الألباني.

وهذا يقتضي أن يكون هم الأمة الإسلامية همًا واحدًا، ولا يجوز أن تُختزل فلسطين في قوم أو فصيل أو وطن.

بل الواجب أن:

ينصر المسلمون قضيتها بالعلم والدعاء والجهاد المشروع والدعم بكل وسيلة ممكنة.

يعتبروها معركة بين الإسلام والباطل، لا معركة سياسية مصلحية ضيقة.

قال الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72].

رابعًا: فلسطين اختبار عملي لإيمان الأمة:

من صدق الإيمان: الاهتمام بمقدسات المسلمين، وعلى رأسها المسجد الأقصى.

ومن علامات الخذلان: التخلي عن نصرة القضية، والسكوت عن ظلم اليهود.

وقد حذر النبي ﷺ من الخذلان فقال: «ما من امرئٍ يخذل مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه ويُنتقص فيه من دمه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته». رواه أبو داود.

وعليه: نصرة فلسطين فرض ديني، قبل أن تكون واجبًا قوميًا أو عاطفيًا.

الساكت عن قضية فلسطين، أو المفرط فيها، يقع في إثم عظيم.

خامسًا: دور المنهج السلفي في نصرة قضية فلسطين:

المنهج السلفي يقوم على:

تعظيم النصوص.

تصحيح العقيدة والمنهج.

نصرة قضايا الإسلام الكبرى على ضوء الكتاب والسنة.

ولذلك كان السلفيون الصادقون دائمًا من أوائل من اهتموا بتحرير فلسطين بطريقة شرعية صحيحة:

بعيدًا عن الشعارات الجوفاء.

متحررين من التحزبات والمزايدات.

متمسكين بفقه السنن الربانية في النصر والتمكين.

قال ابن تيمية: «إنما النصر مع التقوى، وليس بالكثرة ولا بالشجاعة وحدها». «مجموع الفتاوى» (28/546).

فيا شباب الإسلام! لا تنخدعوا بالحركات الحزبية التي تتاجر بقضية فلسطين.

ولا تيأسوا من النصر ولو طال الطريق.

واعلموا أن طريق التحرير يبدأ من تصحيح العقيدة والمنهج، ثم الإعداد المادي والنفسي، ثم النصر المبين بإذن الله.

خلاصة: فلسطين قضية إسلامية دينية، عقائدية، منهجية، تهم كل مسلم صادق.

ولا عذر لأحد في التقصير نحوها مهما بعدت الديار أو تغيرت الأحوال.

ولن تتحرر فلسطين إلا إذا تحررت قلوبنا من الغفلة، واستقمنا على دين الله حق الاستقامة.

قال الله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.

والله الموعد

موضوعات ذات صلة