دعاء «اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين» في ميزان العقيدة والسياسة الشرعية
رد على المتفلسفين، وبيان لحقيقة الصراع الصهيوني اليهودي الإيراني
بقلم الدكتور: عبد الرزاق الدسوقي
في خضم الصراع المتصاعد بين العدو الصهيوني اليهودي والخصم الإيراني الصفوي، ومع اشتعال المواجهة بين أطراف لا يقل أحدها عن الآخر طغيانًا، شاع بين أهل السنة دعاء عظيم طالما تردد على ألسنة العلماء والعباد والمصلحين: «اللهم أهلك الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين».
وقد أثار هذا الدعاء اعتراضات بعض المتفلسفين، فمنهم من زعم أن هذا الدعاء لم يثبت عن النبي ﷺ، ومنهم من وصف قائليه بالركون والكسل والحياد المذموم، بل وشبهوهم ببني إسرائيل القائلين لموسى: ﴿اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون﴾!
فما حقيقة هذا الدعاء؟ وهل يصح إنكاره؟ وهل يتعارض مع الإيجابية والنصرة؟
وهل الصراع بين الظالمين يلزمنا بمناصرة أحدهما؟ وما حقيقة المفاضلة بين العدو الصهيوني والعدو الرافضي؟
هذا ما نعرضه بإذن الله تعالى.
أولًا: مشروعية الدعاء من هدي السلف وعقل الشرع:
لم يدع أحد من أهل السنة أن هذا الدعاء حديث مرفوع بلفظه إلى النبي ﷺ، لكن معناه ثابت مستقر في الشرع، بل هو مأخوذ من أصول قرآنية ونبوية، منها:
قول الله تعالى: ﴿وكذلك نولي بعض الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون﴾ [الأنعام: 129].
وهي آية أصل في أن الله يسلط بعض الظالمين على بعض، ثم يهلكهم وينجي المؤمنين.
وروى ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار أنه قرأ في الزبور: «إني أنتقم بالمنافق من المنافق، ثم أنتقم من المنافقين جميعًا».
وقال حسان بن عطية كما في «حلية الأولياء»: «يعذب الله الظالم بالظالم، ثم يدخلهما النار جميعًا».
وقال ابن كثير: «ومن أعان ظالمًا سلط عليه. فإن الله ينتقم من الظالم بالظالم، ثم ينتقم من الظالمين جميعًا».
فإذا التقى الظالمون، فادع الله أن يهلك بعضهم ببعض، ويخرج المؤمنين من بينهم سالمين.
كل هذه النقول تدل على أن الدعاء بهلاك الظالمين بعضهم ببعض ليس بدعة، ولا جبنًا، بل سنة شرعية وسنن كونية.
ثانيًا: تفنيد شبهات المعترضين:
الشبهة الأولى: «هذا الدعاء لم يرد عن النبي ﷺ ولا الصحابة».
الرد:
صحيح أنه لم يرد بنصه، لكنه ورد بمعناه، وموافقته لأصول الشرع ثابتة.
الشبهة الثانية: «الدعاء بهذا فيه تخل عن المسؤولية، وركون وقعود».
الرد:
هذا باطل، فالدعاء لا ينافي العمل، بل هو ذروة العمل القلبي، وهو لا يقصد به القعود عن النصح أو العمل، بل يقصد به تفويض الأمر إلى الله إذا اشتبك الباطل بالباطل، والعدو بالعدو.
بل إن هذا الدعاء هو البديل الشرعي عن الانخداع بمحور الشر، أو الاصطفاف مع ظالم ضد آخر، وهو يربي الأمة على الولاء للعقيدة لا للمصالح السياسية المرحلية.
ثالثًا: حين يشتبك الظالمون… لا نناصر أحدهم بل نبرأ من الفريقين:
هل إيران اليوم تقاتل نصرةً لأهل السنة؟
وهل إسرائيل اليوم تقاتل دفعًا عن التوحيد؟
كلا الفريقين يقتلان أهل السنة، كل بطريقته:
إسرائيل بالقصف والاحتلال.
وإيران بالتشييع والذبح الطائفي والتمكين للرافضة.
والمؤمن لا ينحاز لعدو لأنه أضعف، أو لأنه يتقن الخطاب الإعلامي، بل يحكم بميزان العقيدة، ويتبرأ من كل من يحارب دين الله وأولياءه.
رابعًا: بل الروافض أخطر من اليهود والنصارى… ومن وجوه ذلك:
1- لأنهم ينتسبون للإسلام ويطعنون فيه من داخله، بخلاف اليهود الذين عداوتهم ظاهرة.
2- يطعنون في القرآن، ويقولون بتحريفه.
3- يكفرون الصحابة وأمهات المؤمنين، ويعظمون أعداءهم.
4- يذبحون أهل السنة باسم الحسين، ويكفرونهم، ويدعون أنهم أبناء بغايا، وأن عائشة زانية حاشاها رضي الله عنها، ويغزون بلاد بنظرية «الولي الفقيه».
5- تحالفوا مع أعداء الإسلام كأمريكا في غزو العراق، ومهدوا الطريق لاحتلال أفغانستان.
6- يتوسلون بالمقاومة لتشييع الشعوب السنية، واختراق مجتمعاتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «الرافضة شر من اليهود والنصارى، وأشد عداوة للمسلمين منهم». «منهاج السنة» (6/370).
خامسًا: الدعاء ليس حيادًا… بل عقيدة:
الدعاء ليس موقفًا رماديًا، بل هو بيان موقف واضح من الصراع: نحن لا نقف مع الظالم، بل مع الحق.
بل نقول: «اللهم اجعل بأسهم بينهم، واشغلهم بأنفسهم، واكفنا شرهم بما شئت، وأخرجنا من بينهم سالمين».
الخاتمة: هذا الدعاء عبادة وعقيدة وفطنة:
إن الدعاء بـ «اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين» ليس بدعة، ولا ضعفًا، بل هو:
امتثال لأصول العقيدة في الولاء والبراء.
إعلان براءة من تحالفات الحزبيين والمطبعين والممانعين الزائفين.
دعوة إلى اليقظة، وبناء القوة الذاتية، وعدم التعلق بأعداء الله في الخلاص.
نسأل الله أن يهلك الظالمين بالظالمين، ويخرج أهل السنة سالمين، ناصرين، راشدين، غير مبدلين.