الموقف الشرعي في حال وقوع القتال بين دولتين معاديتين للإسلام وأهله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده واله وصحبه.
أما بعد: فقد سألني إخوة كرام من بلاد شتى عن الموقف الشرعي في حال وقوع القتال بين دولتين معاديتين للإسلام وأهله: إحداهما تظهر الإسلام وتبطن الزندقة والعداء كما هو حال النظام الإيراني الرافضي الصفوي، والثانية دولة كافرة يهودية صريحة العداء كإسرائيل.
وهنا نعرض الموقف الشرعي لأهل السنة والجماعة مدعّماً بالأدلة والقواعد، وفق التسلسل التالي:
أولًا: القاعدة الكبرى: لا ينصر الباطل بالباطل، ولا يستعان بالكفر على كفر آخر.
فليس كل من قاتل كافرًا كان أفضل عند الله منه، فقد يقاتل كافر أشر منه.
أي: لا يُحكَم للمتقاتلَين بحسب شعار الحرب، بل بحسب منهجهما وموقفهما من الإسلام الحق.
ثانيًا: من هو المرتد؟ وما حكمه مقارنة بالكافر الأصلي؟
المرتد أشد خطرًا وأعظم ضررًا من الكافر الأصلي:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ…} [المائدة: 54].
فِي هذه الآية تهديد للمرتدين، وبيان أنهم شر من الكافرين الأصليين؛ لأنهم عرفوا الحق ثم أنكروه.
وقد اتفق علماء أهل السنة أن المرتد شر من الكافر الأصلي؛ لأنه هدم الدين من داخله، وأفسد على الناس دينهم، فصار كالسوس في الخشب.
ثالثًا: ما حكم من يقاتل المرتد؟
إذا قاتل المرتدُّ الكافرَ الأصلي (أو العكس)، فإن هذا لا يعني تأييد أحدهما على الآخر، بل يُنظر إلى المصالح الشرعية:
فإذا اقتتل فئتان من الكفار، ولم يكن في قتال إحداهما مصلحة شرعية، لم يجب علينا أن نؤيد أحدًا منهما، بل نعتزل.
وإن وُجِدت مصلحة للمسلمين في إضعاف أحدهما؛ جاز الاستبشار بهزيمته دون الولاء له أو مناصرته.
رابعًا: ماذا لو تقاتلت إيران (المرتدة) مع إسرائيل (اليهودية)؟
الموقف السني الصحيح شرعًا:
1- لا نناصر إيران الصفوية الباطنية، وإن كانت تقاتل إسرائيل؛ لأنها:
-تشيع المسلمين وتفسد عقائدهم.
-تقتل أهل السنة والجماعة في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
-تسعى لمشروع طائفي فارسي شيعي وليس له أدنى صلة بالإسلام.
2- ولا نناصر إسرائيل؛ لأنها عدوٌّ لله ورسوله، ومحتلة لفلسطين، ومفسدة في الأرض، وإن كانت تحارب نظامًا رافضيًا مرتدًا.
3- بل نفرح بهلاك الطرفين، وندعو الله أن يهلك الظالمين بالظالمين ويخرج أهل السنة من بينهم سالمين؛ كما قال النبي ﷺ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ».
فيا أيها السني إذا اقتتل الظالمون، فادع للمؤمنين، ولا تتدخل في نصرة أحدى الطائفتين الكافرين، بل ادع الله أن يهلكهم ويعافي أهل الإسلام.
خامسًا: موقف علماء أهل السنة المعتبرين كالإمام ابن باز والإمام الألباني: إن إيران دولة الرافضة المرتدين شر من اليهود والنصارى، وهم العدو الداخلي، لكن لا نتحالف مع الكفار ضدهم، بل ندعو الله أن يهلكهم ويكفينا شرهم.
سادسًا: قاعدة فقهية هامة: إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما بارتكاب أخفّهما.
لا يعني أن عدو عدوي صديقي!
بل ينظر من الأقرب للإسلام ومن الأخطر على الأمة.
والقاعدة عند أهل السنة: الرافضة أخطر على أهل السنة من اليهود؛ لأنهم يعيشون بينهم ويفسدون الدين والعقيدة.
خلاصة الموقف الشرعي:
– قتال إيران لإسرائيل لا يُدعم أحد الطرفين
– الدعاء على الظالمين بهلاكهم معاً
– الاستبشار بهزيمة أحدهما وضعف الآخر لا بأس إن ترتب عليه نفع للأمة.
– التحالف مع أحدهما ضد الآخر لا يجوز: لا مع إيران ولا مع إسرائيل.
– موقف الشعوب السنية الحذر من الانخداع بشعارات المقاومة الرافضية أو التحالف اليهودي الصهيوني.
الخلاصة: لا نُناصر إيران، ولا نناصر إسرائيل بل نناصح الأمة ونحذرها من كليهما، ونبني قوتنا الذاتية كأهل سنة، ونسأل الله أن يهلك الظالمين بالظالمين ويخرج أهل السنة والجماعة من بينهما سالمين غانمين.
قال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129].
هذا والله أعلم وأحكم.