المسجد الأقصى ليس قبة الصخرة فقط

الأستاذ عثمان الحسيني

الحمد لله الذي بارك المسجد الأقصى وما حوله، فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقصى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1]، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أسرى الله به إلى الأرض المقدسة.

 

أولًا: تصحيح المفهوم الخطأ:

يعتقد كثير من الناس – خطأً – أن قبة الصخرة الذهبية هي المسجد الأقصى، وهذا خطأ فاحش شائع يجب تصحيحه.

المسجد الأقصى هو الاسم الشرعي لكل المساحة المسوّرة التي تبلغ حوالي 144 دونمًا (ما يقارب 144 ألف متر مربع)، والتي تقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة في القدس.

وهذا يشمل:

قبة الصخرة (المبنى ذو القبة الذهبية في المنتصف تقريبًا).

الجامع القبلي (المبنى ذو القبة الرصاصية باتجاه القبلة جنوبًا).

المساطب والمصليات تحت الأرض (مثل مصلى المرواني).

الأروقة، القباب، الساحات، الآبار، المآذن، والأسوار.

جميع المساجد الصغيرة والأروقة والمساطب المرتبطة به.

إذن فـ«قبة الصخرة» جزء من المسجد الأقصى، وليست هي المسجد الأقصى وحدها.

 

ثانيًا: ما الفرق بين قبة الصخرة والمسجد الأقصى؟

قبة الصخرة معلم معماري داخل حدود المسجد الأقصى، لكنها ليست المسجد كله ولا تختصره.

 

ثالثًا: من يروج هذا الخلط الخطير؟

الترويج لهذا الخلط يتم عبر عدة جهات مشبوهة:

الاحتلال الصهيوني: يحاول التركيز إعلاميًا وسياحيًا على «قبة الصخرة» لإبعاد الوعي الإسلامي والعالمي عن أهمية «الجامع القبلي» خصوصًا، والذي يقع أقرب إلى أسوار البلدة الجنوبية ويُستهدف بالمحاولات المتكررة للهدم أو السيطرة.

وسائل إعلام غربية: تتعمد نشر صور قبة الصخرة فقط عند الحديث عن الأقصى، مما يؤدي إلى تخفيف وطأة الاعتداءات على باقي المسجد.

بعض الجهات العربية المتأثرة بالرواية الغربية: جهلاً أو تبعيةً.

الغاية من هذه الحيلة الإعلامية:

إضعاف الارتباط بالمسجد الأقصى الحقيقي.

تهيئة الرأي العام للقبول بالتقسيم المكاني بين اليهود والمسلمين.

التمهيد لمخططات تهويدية أوسع تهدف إلى بناء «الهيكل» المزعوم مكان الجامع القبلي، وليس على قبة الصخرة.

 

رابعًا: واجب المسلمين اليوم:

الوعي العلمي: أن المسجد الأقصى هو كل الـ144 دونمًا بساحاته ومصاطبه ومصلياته.

التأكيد الإعلامي: عند الحديث أو النشر عن الأقصى يجب عرض صور الجامع القبلي مع قبة الصخرة معًا.

التصحيح الدعوي: تصحيح المفهوم الخطأ في خطب الجمعة، والدروس، والمنشورات.

الدفاع عن كامل الأقصى: لا نفرط بشبر واحد منه، لا في جنوبه ولا شماله ولا ساحاته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «المسجد الأقصى اسم لجميع المسجد الذي بناه سليمان عليه السلام، وقد دخل في ذلك قبة الصخرة وغيرها». «مجموع الفتاوى» (27/12).

الأقصى ليس قبة، ولا جدارًا، ولا غرفة، بل هو قلب الأمة وروح العقيدة.

وواجبنا أن نعرفه كما أراده الله، وندافع عنه كما أمرنا الله.

{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد:7].

موضوعات ذات صلة