من الذي خذل غزة؟ الحقيقة بالأدلة لا بالدجل!
بقلم الدكتور سليم بن عيد الهلالي كان الله له وعفا عنه
في خضم الكارثة المستمرة التي يعيشها اخواننا من أهل غزة الأبية، تتعالى أصوات بعض التيارات، وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين وأذرعها الإعلامية، باتهام الدول العربية السنية الكبرى –مصر، الأردن، السعودية– بأنها تآمرت على غزة، بل وتدعم الكيان المحتل وتمول عملياته.
هذه الاتهامات لم تعد مجرد دعاوى سياسية، بل تحولت إلى حملة تضليل ممنهجة تهدف إلى قلب الحقائق، وخلط الأوراق، وتحميل من صمدوا سياسيًا وإنسانيًا، وزر من تاجروا بالقضية وسلموها على طبق من شعارات.
فما حقيقة موقف الدول العربية السنية الرسمي؟ ومن الذي خذل غزة بالفعل؟ إليكم الحقائق الموثقة:
مصر: شريان غزة لا بوابتها المغلقة:
مصر التي تتحكم في أهم معبر لغزة (رفح) لعبت دورًا معقدًا وصعبًا، بين تأمين حدودها، والتعامل مع الضغوط الدولية، والسعي لإدخال المساعدات. وزير الخارجية المصري صرح بوضوح أن الاتفاق الإسرائيلي–الأوروبي المزعوم لإدخال المساعدات لم يحقق أي تحسن حقيقي، وهو ما يكشف أن القاهرة كانت تضغط لفتح المعابر لا لإغلاقها.
ولم تكتفِ مصر بذلك، بل رفضت رسميًا كل المقترحات الأمريكية والصهيونية بترحيل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، مؤكدة أنها لن تكون شريكًا في أي مشروع لتصفية القضية الفلسطينية.
الأردن: خط الدفاع السياسي والإنساني:
الأردن الذي يتحمل منذ عقود عبء القضية الفلسطينية، كان واضحًا في موقفه: لا لاستقبال نازحين من غزة، ولا لأي حل ينقل الأزمة إلى الداخل الأردني.
وزير الخارجية أشار إلى أن المساعدات التي تصل إلى غزة لا تكفي، منتقدًا تقصير المجتمع الدولي.
كما وقعت الأردن مع الدول العربية الأخرى رسالة رسمية إلى الإدارة الأمريكية، رفضت فيها خطط التهجير الجماعي التي طرحتها دوائر قريبة من ترامب وحكومته.
السعودية: رفض التطهير العرقي والتهجير:
السعودية لم تكتف بالإدانة اللفظية، بل لعبت دورًا حاسمًا في إجهاض المخططات التي كانت تستهدف تهجير أهل غزة إلى دول الجوار.
الرياض نددت بما سمته تصريحات صهيونية متطرفة حول التطهير العرقي، وحذرت من أن أي مساس بالشعب الفلسطيني أو محاولة إعادة رسم خارطة السكان ستفجر المنطقة.
كما أفادت تقارير موثوقة أن السعودية كانت طرفًا رئيسيًا في وقف خطة ترامب للتهجير الجماعي، بالتنسيق مع مصر والأردن.
الإجماع العربي: لا للتصفية نعم للحل السياسي:
البيانات الصادرة عن الدول العربية، والقمم الطارئة، والرسائل الرسمية إلى القوى الدولية، كلها تؤكد على موقف عربي موحد: رفض أي مشروع لتفريغ غزة، التمسك بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الخامس من حزيران، وحق العودة وتقرير المصير، والدعوة إلى وقف العدوان الصهيوني فورًا.
من الذي خذل غزة حقًا؟
حين يعاد تركيب المشهد بصدق:
من سلم غزة إلى مشاريع إيران وحزب الله؟
من راهن على الشعارات بدل البناء والتخطيط؟
من جعل من معاناة غزة منصة للمزايدات والخطابات الفارغة؟
إن أصابع الاتهام لا يجب أن توجه إلى من دافع ووقف سياسيًا وإنسانيًا، بل إلى من استثمر دماء الغزيين ليصنع بها أمجادًا حزبية، ويفتح بها أبواب الصفقات.
رسالتنا للقراء الكرام:
أيها القارئ الكريم، في زمن الفتن والتشويش الإعلامي، لا تأخذ الحقيقة من المهرجين ولا من محترفي التصفيق، ابحث عن الوثائق، استمع للتصريحات الرسمية، تابع البيانات، وستعرف من الذي صمد مع غزة، ومن الذي استغل غزة.
لقد حان الوقت لنقول: كفى كذبًا… كفى دجلًا.