فلسطين السنية في مواجهة الأطماع الشيعية والصهيونية
بقلم الشيخ قحطان الحميري
لا تعد قضية فلسطين مجرد صراع حدود أو نزاع سياسي، بل هي في جوهرها معركة هوية وصراع وجود، تحاول فيه قوى متعددة اقتلاع فلسطين من جذورها العربية السنية، وإلباسها أثوابًا دخيلة: صهيونية محتلة، أو شيعية دخيلة. وفي خضم هذا الصراع المركب، تتجلى أهمية الحفاظ على الهوية السنية الإسلامية لفلسطين، باعتبارها العمود الفقري لبقاء القضية حية في وجدان الأمة، وصمام الأمان أمام مشاريع التزييف والانحراف.
لقد كان الوجود الصهيوني منذ نشأته قائمًا على نفي الآخر، وتزوير التاريخ، وطمس الهوية الأصلية لفلسطين، ولذا عملت الحركة الصهيونية على تهويد الأرض والإنسان، وابتلاع الرموز الإسلامية، لا سيما القدس والمسجد الأقصى. غير أن المشروع الصهيوني، رغم عدوانيته ودمويته، ظل مفضوحًا في وعي الأمة، باعتباره احتلالًا أجنبيًا غاصبًا.
أما الخطر الشيعي الصفوي، فيكمن في كونه يتسلل باسم الإسلام والمقاومة والمظلومية، بينما يحمل مشروعًا عقديًا طائفيًا هدفه النهائي نشر التشيع، وتقويض الهوية السنية، وإعادة تشكيل الخريطة الدينية للمنطقة، بما فيها فلسطين. وقد تجلى ذلك بوضوح في الدعم الإيراني المكشوف لفصائل فلسطينية تتبنى فكر ولاية الفقيه، وتدور في فلك طهران، مما سمح لإيران باختراق النسيج الفلسطيني السني، والتأثير في بوصلته العقائدية والسياسية.
إن الخطر الشيعي لا يقل عن الخطر الصهيوني، بل قد يكون أخطر من جهة التأثير الناعم والتمدد الفكري الخفي، خاصة أنه يستغل نقاط ضعف بعض التيارات الفلسطينية، ويغلف مشروعه بلغة المقاومة، بينما يسعى إلى تفكيك وحدة الأمة السنية، وزرع بذور الفتنة العقدية داخل المجتمع الفلسطيني.
ومن هنا، فإن الحفاظ على هوية فلسطين السنية ضرورة شرعية واستراتيجية. ففلسطين لم تعرف التشيع عبر تاريخها، بل كانت أرضًا لأهل السنة منذ الفتح العمري، وظل علماؤها ومجاهدوها وروادها من أهل الحديث والفقه والعقيدة السنية. ومن أراد تحرير فلسطين حقًا، فعليه أن يحررها من الاحتلالين: الاحتلال اليهودي الذي اغتصب الأرض، والاحتلال الفكري الشيعي الذي يسعى لاختطاف الوعي.
ختامًا، إن فلسطين ليست ساحة لتجريب المشاريع الطائفية أو تصفية الحسابات العقدية، بل هي قضية أمة، وراية عقيدة، ومعركة توحيد، ومن الواجب على كل غيور أن يرفع صوت الحق دفاعًا عن هوية فلسطين السنية، في وجه كل من يحاول تدنيسها باسم السلام أو المقاومة أو التشيع. ولن تعود فلسطين إلا تحت راية «لا إله إلا الله»، على منهاج النبوة، لا تحت راية صفوية أو علمانية أو خرافية.