دور علماء الدعوة السلفية في الدفاع عن فلسطين

الأستاذ أيمن فريحات

تعد قضية فلسطين واحدة من أبرز قضايا الأمة الإسلامية عبر التاريخ المعاصر. وقد كان لعلماء الدعوة السلفية دور محوري وأصيل في الدفاع عن فلسطين، عقيدةً ومنهجًا وموقفًا، بعيدًا عن المتاجرات الحزبية والمزايدات العاطفية، متمسكين بالقرآن والسنة بفهم السلف الصالح، واضعين مصلحة الدين فوق كل مصلحة.

وفي هذا البحث نسلط الضوء على حقيقة هذا الدور العظيم، ونبرز ملامحه في مختلف الميادين: العقدية، المنهجية، العلمية، السياسية، والإعلامية.

 

أولًا: التأصيل العقدي لقضية فلسطين

1- ربط فلسطين بالإيمان والعقيدة

علماء السلفية بينوا أن:

فلسطين جزء من العقيدة الإسلامية.

المسجد الأقصى هو ثالث المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها.

أن نصرة فلسطين واجب ديني، لا شعاري أو قومي.

 

قال الإمام ابن باز رحمه الله: «فلسطين أرض إسلامية، واجب على المسلمين الدفاع عنها بكل وسيلة شرعية». (مجموع فتاوى ومقالات ابن باز).

2- رفض التنازلات عن الأرض الإسلامية

السلفيون أصلوا أن أرض الإسلام لا يجوز بيعها أو التنازل عنها.

قال الشيخ الألباني رحمه الله: «كل اتفاق يقضي بتسليم شبر من أرض فلسطين لليهود هو اتفاق باطل شرعًا» (شريط الأسئلة الفلسطينية).

 

ثانيًا: تصحيح المفاهيم المنحرفة عن فلسطين:

علماء السلفية واجهوا بثبات عدة انحرافات فكرية خطيرة، مثل:

1- مواجهة شبهة «تحرير فلسطين بالقوميات».

بينوا أن: لا تحرير لفلسطين إلا بالإسلام.

الدعوات القومية والاشتراكية والعلمانية خيانة للقضية، لأنها تفصلها عن أصلها الشرعي.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: «القضية الفلسطينية لا تحل بالقومية العربية، ولا بالأنظمة الدولية، وإنما تحل بالرجوع إلى الله وإقامة شرعه». (فتاوى نور على الدرب).

2- الرد على خرافة الانتظار السلبي (المهدي وعيسى).

واجهوا الشبهات التي تقول: لا يمكن تحرير فلسطين إلا في زمن المهدي والملاحم الكبرى.

أكدوا أن الجهاد مشروع في كل زمان، ولا يجوز تعطيله بحجة الانتظار.

قال الشيخ الألباني: «لا ينبغي للأمة أن تركن إلى انتظار المخلص دون العمل والأخذ بالأسباب». (تحقيق شرح العقيدة الطحاوية).

 

ثالثًا: التحذير من الحركات الحزبية المتاجرة بفلسطين.

علماء السلفية كشفوا حقيقة الحركات التي:

تتاجر باسم فلسطين لتحقيق مكاسب حزبية.

تغدر بالأمة بحجة المقاومة.

تتحالف مع أعداء الإسلام (كإيران، وحزب الله، وغيرهم).

مثال:

التحذير من انحرافات حركة حماس عندما تحالفت مع إيران الرافضية.

كشف خيانة الحركات القومية واليسارية.

قال الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله: «كثير من الجماعات باسم الدفاع عن فلسطين يرتكبون أنواع الضلالات والانحرافات، فلا ينصر الحق بالباطل». (مجموع رسائل الشيخ ربيع).

 

رابعًا: الدفاع العلمي والإعلامي عن القضية.

1- الكتابات والفتاوى.

كتبوا فتاوى ورسائل تنبه المسلمين إلى خطر التفريط في فلسطين.

عقدوا المحاضرات والمؤتمرات لبيان الحقائق.

2- التصحيح الإعلامي.

كشفوا زيف الإعلام الكاذب الذي يصور الصراع مع اليهود كأنه نزاع سياسي فقط، لا صراع عقدي ديني.

قال الشيخ الألباني رحمه الله: «الصراع مع اليهود ليس صراعًا على حدود، بل صراع عقيدة ودين». (سلسلة الهدى والنور).

 

خامسًا: النصيحة العملية للأمة:

علماء السلفية نصحوا الأمة بأمور عملية تجاه فلسطين:

1- التوبة العامة والرجوع إلى الله.

قال الله تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم} [محمد: 7].

وأكدوا أن النصر لا يأتي إلا بالإيمان الصادق والطاعة الجماعية لله ورسوله.

2- إعداد القوة بجميع أشكالها.

القوة الإيمانية.

القوة العلمية.

القوة الاقتصادية والسياسية.

القوة العسكرية المنضبطة بالشرع.

3- عدم التعلق بالمؤتمرات الدولية الكاذبة.

وأن تحرير فلسطين لا يتم عبر «حلول دولية» مفروضة من الأعداء، بل بالإعداد الكامل والأخذ بالأسباب الشرعية.

علماء الدعوة السلفية حملوا لواء فلسطين بمنهج رباني سني صافٍ.

لم يخونوا قضيتها بالتحزبات، ولم يبيعوها بالشعارات.

كانوا وما زالوا صوت الحق الذي يربط تحرير فلسطين بتحرير الأمة من الشرك والبدع والانحرافات أولًا.

إن نصرة فلسطين الحقة لا تكون إلا على أيدي الموحدين الصادقين، الذين يتبعون نهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

قال الله تعالى: {ولينصرن الله من ينصره ۚ إن الله لقوي عزيز} [الحج: 40].

والحمد لله رب العالمين

موضوعات ذات صلة