اليسار العربي والفلسطيني… غطاء لتضييع فلسطين
بقلم الدكتور حسن أبو قبع
في زحام الشعارات الثورية، وتحت رايات التحرر والعدالة الاجتماعية، تسللت خناجر من نوع خاص إلى قلب القضية الفلسطينية. خناجر لم يحملها صهاينة يهود بزي عسكري، بل يساريون عرب وفلسطينيون لبسوا قناع النضال ورفعوا راية تحرير الإنسان، لا الوطن.
عندما غابت العقيدة… ضاعت البوصلة:
منذ بدايات الصراع مع الاحتلال، بزغ اليسار في المشهد العربي والفلسطيني باعتباره بديلًا عن «العقيدة المهزومة» و”الرجعية الدينية». تبنى هذا التيار شعارات ماركسية، نادت بإسقاط «الإمبريالية العالمية»، لكنهم أسقطوا قبلها هوية فلسطين الإسلامية، وحولوها إلى «قضية إنسانية طبقية» لا قضية عقيدة وأرض مقدسة.
تم تغييب البعد الديني عمدًا، واستبداله بمنظور صراع طبقي، حتى قال أحد قادة اليسار الفلسطيني:
«القدس لا تهمنا بقدر ما يهمنا بناء مجتمع اشتراكي عادل!».
كلمات تصف حجم الانفصال بين هؤلاء وبين جوهر الصراع.
تحالف مع الشيطان… ضد ما سموه «الرجعية الإسلامية».
تحالف اليساريون العرب والفلسطينيون مع أنظمة مستبدة، بل ومع قوى دولية – من الاتحاد السوفييتي إلى الصين وكوبا – وظنوا أن دعمهم سيحرر فلسطين. لكن فلسطين تحولت في أجنداتهم إلى أداة لمهاجمة الدين، ومحاربة التيارات الإسلامية، وخدمة مشاريع خارجة عن هوية الأمة.
بل إن بعضهم دعم علنًا القوى الشيعية بحجة «الممانعة»، متجاهلين أن تلك القوى لا تؤمن بفلسطين أصلًا إلا كسلم للتوسع الطائفي. هكذا تحول اليسار إلى واجهة لتطبيع ثقافي مع الفكر الغربي، وتصفية العقيدة من قلب معركة التحرير.
خيانات موثقة… بأقلام الرفاق:
كثير من الوثائق تؤكد أن بعض فصائل اليسار الفلسطيني كانت أول من فاوض الاحتلال سرًا، حتى قبل اتفاقية أوسلو. ففي مذكرات أحد الضباط الصهاينة.
وفي الارشيف الفلسطيني نجد توثيقًا لاجتماعات سرية جمعت قيادات يسارية فلسطينية بمبعوثين أوروبيين وصهاينة، لتمهيد الأرضية لفكرة الاعتراف بإسرائيل مقابل دويلة بلا سيادة.
اليسار… غطاء فكري للتفريط:
ليس العيب في تبني العدالة الاجتماعية، لكن الكارثة أن تفرغ القضية من قيمها الإسلامية، وتعاد صياغتها بلغة لا تمت للأمة بصلة.
ما ضيع فلسطين إلا من حارب الإسلام باسم التحرير.
وهكذا نجد أن اليسار لم يكن مجرد تيار فكري، بل غطاء مثالي لكل من أراد تمييع الصراع، وتشويه هوية المعركة، وصرف الأجيال عن فهم طبيعة العدو.
خلاصة:
اليسار العربي والفلسطيني لم يكن – في مجمله – نصيرًا حقيقيًا لفلسطين، بل في كثير من محطاته كان جسرًا لتمرير مشاريع التغريب والتفريط، عبر تهميش الدين، وتهشيم العقيدة، وتحويل المعركة إلى شعارات باردة بلا روح ولا شرف.
وإن كان من كلمة حق تقال، فهي:
فلسطين لا تحررها الشعارات، بل تحررها العقيدة الصافية، والدماء الطاهرة، والرايات التي ترتفع لله… لا ماركس ولا لينين ولا جيفارا ولا ماوتيسنغ ولا موسكو ولا بكين ولا طهران!