المدن والقرى الفلسطينية: جغرافيا تنطق بالعربية والإسلام
الصحفي الفلسطيني خضر المبحوح
تتحدث جغرافيا فلسطين بلغتها الخاصة، لغة عربية أصيلة مشبعة بالإيمان والتاريخ، تشهد بأن هذه الأرض عربية الجذور، إسلامية الهوية، لم تعرف يومًا انفصالًا عن حضارتها أو لغتها أو دينها. فأسماء المدن والقرى فيها ليست مصادفة جغرافية، بل وثائق حية تسجل سيرة الأمة على ترابها المقدس.
فمن القدس التي اشتق اسمها من «القداسة» والطهارة، إلى الخليل التي سميت نسبةً إلى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، تمتد أسماء المواضع لتروي سيرة الأنبياء والرسل، وتربط الأرض بالوحي والسماء. وفي بيت لحم تذكير بميلاد عيسى عليه السلام، وفي بيت جبرين وبيت حنينا وبيت ساحور دلالة على عمق اللسان العربي في التسمية، إذ لفظ «بيت» من أكثر المفردات الفلسطينية انتشارًا، وهو شاهد على أن العرب هم من عمروا هذه الأرض وسموا مواضعها قبل أن تعرف الصهيونية أصلًا.
أما مدن الساحل مثل يافا وعكا وحيفا فظلت عربية الهوى واللسان، شاهدة على تعاقب العصور الإسلامية من العهد الراشدي إلى العثماني، وحافظت على معالم المساجد والأسوار والمآذن التي تروي تاريخ الفتح والتوحيد.
ولم تسلم هذه الأسماء من محاولات الطمس؛ إذ سعى الاحتلال إلى تهويدها، فحول «الناصرة» إلى «نتسرت»، و«اللد» إلى «لود»، لكن الأسماء العربية بقيت تتردد في الوجدان الشعبي، وفي ذاكرة التاريخ التي لا تمحى.
إن أسماء المدن الفلسطينية ليست مجرد حروف على الخرائط، بل نقوش هوية وشواهد انتماء، تنطق بأن هذه الأرض عربية الروح، إسلامية الانتماء، وستبقى كذلك مهما غير المحتلون اللافتات أو زوروا الوثائق.
